ابن حميد متحدثا في أسبوع الحوار الوطني في الباحة.
ابن حميد متحدثا في أسبوع الحوار الوطني في الباحة.
-A +A
علي الرباعي (الباحة) Okaz_Culture@
لفت المستشار في الديوان الملكي الدكتور صالح بن حميد إلى أن الحديث عن الوسطية مطلوب وإن خلا العنوان من الجاذبية بسبب تكرار العناوين، وأكد خلال محاضرته التي ألقاها أمس الأول (الإثنين) ضمن أسبوع الحوار الوطني في منطقة الباحة (تلاحم) على أهمية أن تسود ثقافة الحوار في ما بيننا، موضحاً أن الوسطية سلوك يتميز به الإنسان، خصوصا عندما تغلبه العاطفة، مشيراً إلى أن الاقناع ليس غاية الحوار بل غايته إطلاع الآخر على ما لديك من وجهة نظر يجب احترامها ليسود التواصل ويمكن التفاعل وتبادل الأفكار.

وذهب الدكتور ابن حميد إلى أن الانبياء المعصومين كانت مهمتهم الإبلاغ وإقامة الحجة بطرق صحيحة دون أن يلزمهم الله بهداية الناس. وعدّ فن الإصغاء هدفا من أهداف الحوار لسماع الآخر بوعي وبتجرد والتماس عذر ما يعزز روابط الأخوة والوطنية وحماية الكيان الكبير الذي جمعنا تحت لوائه.


وكشف ابن حميد أن آية (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) تهدف إلى غاية (لتكونوا شهداء) وقال «ولو لم يكونوا وسطا لما كانوا شهداء على الناس والشاهد من شروطه العدالة. التي تعامل الأمم بالوسط ويقدموا النموذج الوسطي القائم على العدل والقسط». ويرى أن الوسطية تضم الشعائر والمعاملات والأخلاق والسلوك التي يجب أن يعي كل مسلم أن من سيشهد عليه هو الرسول عليه السلام، (ويكون الرسول عليكم شهيدا).

وعدّ ابن حميد الجهل أحد أسباب الإفراط أو التفريط واستعاد قول الإمام علي لا يرى الجاهل إلا مفرطاً أو مفرّطاً كون الجهل يجعل صاحبه غير سوي وهي حالة تحضر وتغيب بحسب ظروف ووضع الإنسان وقد يكون الجاهل متعلماً وعزا سبب الخروج عن الوسطية إلى الدخول بدائرة الجهل و قال «الترفيه حق للإنسان ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه ولكن بوسطية» مبدياً أسفه أن نشكو من الضياع في ظل انتشار أدوات التواصل التي أوقعت الشباب في تيه حتى غدا الكل يردد ما عندي وقت، وأضاف «نحن نخلق الفراغ عندما نهمل حق البيت والزوجة والأولاد». وكشف ابن حميد أن من معاني الوسطية الاعتدال الاستقامة، العدل، التوازن، الحكمة، الخيار الأفضل، اليسر الأفضل، والتميز، مؤكداً العلاقة بين الوسطية وبين الحكمة كون الحكمة ملمحاً من ملامح الوسطية لأنها وضع الشيء المادي موضعه بينما التوسط هو المعنوي. وحذر من التلاعب بالمصطلحات، لافتاً إلى أن الوسطية والمرونة ليست بالتمييع والتنازل، إذ من حقك أن تقف عند رأيك بعد إعطاء الآخرين الحق أن يخالفوك كون المخالفة لا تتعارض مع الوسطية، وتحفظ على من يدّعون سماحة الإسلام أمام أعداء الإسلام ويوظفون الوسطية مع أهلهم بغلو وتشدد.

وأوضح أن التاريخ ليس دينا لنقبله بكل ما فيه، كما أن الماضي ليس كله شراً إذ لم يكن الأسلاف والآباء والأجداد ضالين، مثمناً دور السلف في القبول بالاختلاف ولا نخطئ ما مضى لأن المفتين يختلفون، ونبه على خطورة انسلاخ البعض من الدين بالتضارب بين الأقوال، وأبدى أسفه أن يدخل متعبد أو ملتزم دائرة الإعجاب بنفسه واستنقاص الآخرين لأنه ليس من الوعي ولا من حسن الإسلام، مشيراً إلى أن الأحداث والمواقف تكشف لنا أن بعض من ننظر إليهم على أنهم غير متدينين أحسن خلقاً وأكرم نفساً وأسخى مشاعر.